من طرف الحكمدار الخميس مارس 19, 2009 8:08 am
هذا بحث بسيط حول الشعر مفاهيم وجماليات ,, أتمنى ان يحوز على شيء من رضاكم ,,
الشعربحر كبير واعلموا ان أثارة نقطه واحده قد تقودنا لبحور و بحور و
بحور الى ان نتوه و لكن احاول جاهداً ان احصر الموضوع و اتمنى ان اوفّق في
توضيح ما اقوله...
الشعر العمودي والشعر الحر والشعر المنثور
الشعر العمودي هو اساس الشعر العربي وجذوره واصل كل انواع الشعر التي اتت
بعده. يتميز الشعر العربي بتكونه من مجموعة ابيات, كل بيت منها يتألف من
مقطعين يدعى اولهما الشطر وثانيهما العجز. الشعر العمودي يخضع في كتابته
لقواعد الخليل ابن احمد الفراهيدي وهذه القواعد تدعى علم العروض. علم
العروض هو العلم الذي يهتم بوزن الشعر وقافيته بشكل يعطيه الجزاله ويحببه
إلى الأذن ويحافظ له على اصالته.
الشعر الحر لا يعني انه متحرر من جميع القيود. هناك التزام معين بالايقاع
العام في القصيدة، و تردد التفعيلة ، ليس بعدد محدد كما هو في القصيدة
التقليدية ، بل بشكل يختاره الشاعر نفسه ، و تحرر الشعر الحر من التحديد
الصارم بعدد التفيعلات و الالتزام بالقافية لا يعني ان لكاتب الشعر الحر
الحق ان يتخلى عن التفعيلة او ان يخلط بين تفعيلات مختلفة بشكل يؤدي الى
اضطراب و عدم تناسق القالب الشعري للقصيدة
فالشعر الحر هو شعر التفعيلة , وهو يستند الى بحور الشعر العمودى الصافية
اي التى تتكون من تفعيلة واحدة مثل : الكامل (متفاعلن) الرمل (فاعلاتن)
المتدارك (فاعلن ) المتقارب ( فعولن ) وهكذا
الفرق بين الشعر العمودى والشعر الحر , أن الأول يلتزم بعدد محدد من
التفعيلات فى الشطر مثلا (متفاعلن متفاعلن متفاعلن ) فلا يجوز ان يتغير
العدد فى القصيدة , وكذلك يلتزم بالقافية .. اما الشعر الحر فيتكون البيت
فيه من عدد غير متساو من التفاعيل .. مثلا
متفاعلن متفاعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن
متفاعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن متفاعلن
وهكذا .. وكذلك لا يلتزم بقافية موحدة .عندما استنبط الخليل بحور الشعر ,
لم يذكر بحر المتدارك وتفعيلته فاعلن . فتنبه اليها الأخفش وتدارك الخليل
بهذا البحر وهذا سبب اسمه .
استخدم شعراء الشعر الحر هذه التفعيلة ( فاعلن ) بكثرة لأنهم يتحكمون فى
الموسيقى عن طريقها بشكل كبير فيحذفون الألف لتصبح فعلن المحركة ويحذفون
النون لتصبح فاعلُ الخ.
الشعر المنثور :
(قصيدة النثر ) و هي تعتمد على الفكرة ووفرة المجاز والصورة المكثفة وقوة
العاطفة مما يغلب الروح الشعرية عليها ، يقول ادونيس : أن أهمية قصيدة
النثر تكمن في إدخال العقل في اللعبة الشعرية إذ أن التخيل هو أساس الفكرة
في قصيدة النثر كما إن الجملة هي الوحدة الأساسية للبناء بعكس الشعر حيث
يكون البيت هو الوحدة الأساسية . ولا بد لمن يتطرق إلى قصيدة النثر أن
يكون عظيم الشاعرية واسع الخيال كما أن قصيدة النثر تعتمد على الصورة
بالدرجة الأولى أكثر من اعتمادها على الإيقاع .
قصيدة النثر هي قصيدة تتميز بواحدة أو أكثر من خصائص الشعر الغنائي، غير
أنها تعرض في المطبوعات على هيئة النثر.. وتختلف عن الشعر الحر بأنها لا
تهتم بنظام المتواليات البيتية. وعن فقرة النثر بأنها ذات إيقاع ومؤثرات
صوتية أوضح مما يظهر في النثر مصادفة واتفاقاً من غير غرض. وهي أغنى
بالصور وأكثر عناية بجمالية العبارة.
تذهب سوزان برنار إلى أنَّ قصيدة النثر هي: «قطعة نثر موجزة بما فيه
الكفاية، موحّدة، مضغوطة، كقطعة من بلّور...خلق حرّ، ليس له من ضرورة غير
رغبة المؤلف في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءاته لا
نهائية».
لقصيدة النثر إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية، والتي تعتمد على الألفاظ وتتابعها، والصور وتكاملها، والحالة العامة للقصيدة.
كما تعلمون فلايوجد من يضع قواعد يسير عليها الشعراء , وانما الشعراء
يكتبون والعلماء يستنبطون , فالخليل وضع البحور بعد دراسة للشعر الموجود
.. الذى حدث انه بعد خبن فاعلن اى حذف ثانيها الساكن لتصبح فعلن المحركة ,
اتجه الشعر الحر اليها بافراط لتصبح (فعلن ) وهي تفعيلة بحر الخبب ,
والخبب هو حركة الخيل فى جريها , لأنها تشبه ركض الخيل مثل قولك :
(ذهَبَتْ لعبَت أكَلَت شربَت الخ ) وبعد ذلك ومع تسكين الثانى المتحرك
لتصبح فعْ لنْ . حدث شئ بعيد تماما عن قواعد الخليل حيث بدأ تحريك الساكن
الأخير لتصبح فعلتُ وطبعا قواعد الشعر العمودي لايوجد فيها نهائيا تحريك
الساكن , تسكين المتحرك ممكن , لكن تحريك الساكن لا . وهكذا اصبح هذا
البحر خاصا بالشعر الحر . الملاحظة الأخيرة انكم اذا حركتم الساكن الأول
والرابع لتصبح التفعيلة اربع حركات , فإن التفعيلة التالية لايجوز تحريك
ساكنها الأول , وطالما قلنا التفعيلة التالية فهذا يعنى عدم جواز ان تصبح
التفعيلة ذات الأربع حركات تفعيلة وحيدة .. بحر الخبب ( أو فلنقل تفعيلة
الخبب طبقا للشعر الحر )سهل ولطيف وسريع وساهم فى احياء الحركة المسرحية
الشعرية .. انظروا مثلا الى سهولة الحوار عند (محمد ابراهيم ابو سنة ) فى
مسرحية "حصار القلعة"
- يامولاي الشيخ
مادام الوالى قبل شروطك
ماذا منع ذهابك ؟
- ياولدى قضى الأمر
ماذا يفعل صوتٌ واحدْ
وسط هدير الأصوات
من خان قضيته مات
فلماذا أصرخ فى مجتمع الأموات ؟
نموذج من تفعيلة المتدارك (امل دنقل ) - (لاحظوا وقار الموسيقى) :
ايها الواقفون على حافة المذبحةْ
اشهروا الأسلحةْ
سقط الموت , وانفرط القلب كالمسبحةْ
نموذج من تفعيلة الخبب (عبدالوهاب البياتى ) - (لاحظوا خفة الوسيقى) :
تسقط فى غابات البحر الأسود أوراق الأشجارْ
تنطفئ الأضواء ويرتحل العشاقْ
وأظل أنا وحدى ابحث عنها محموما أبكى تحت الأمطارْ
----------------------
وفى النهاية
فالشعر الموزون له جناحان , الشعر العمودي والشعر الحر
البحور المركبة خاصة بالشعر العمودي , بحر الخبب خاص بالشعر الحر بالأسلوب
السابق شرحه, وهو موجود طبعا فى الشعر العمودي ولكن لايجوز تحريك الساكن
الأخير طبقا للقواعد العامة( مضناك جفاه مرقده ** وبكاه ورحّم عوّده)
البحور الصافية مشتركة بين النوعين , الشعر العمودي يلتزم بعدد معين من
التفعيلات فى البيت وبالقافية , والشعر الحر لا يلتزم بعدد ثابت من
التفعيلات ولا يلتزم بقافية موحدة .
فارق اخير : ان الشعر العمودى له ان يدخل علة معينة على التفعيلة الأخيرة
ويلتزم بذلك , اما الشعرالحر فله ان يراوح بين العلل (فى بدايته كان ذلك
مرفوضا اما الآن فقد سوغته التجارب).
**********
واليكم مقتطفات من لقاء حواري معي ضمن لقاءات موقع المربد الحوارية :
ترى ما يعنيه الشعر بالنسبة إليك، وما الذي يدل عليه في رأيك؟
- الشعر بالنسبة لي هو وليد النفس ألأنسانيه ذاتها واروع ما تخرجه النفس
من المشاعر المتخلله بأصدق الوجدان. وهو عبارة عن لغة الخيال والعواطف
والتي تنطلق من اعماق الذات نتيجة لتأملات وعذابات وأحزان عندها يبدأ مخاض
القصيدة العسير وتنزف الكلمات على ورق ينطق بها لتخاطب الروح و تنساب الى
القلب دون إستئذان.
ترى هل القصيدة الشعرية في حاجة إلى تذوق الأعمال الأدبية النثرية؟
- لقد أصبح " النثر الشعري " أو " قصائد النثر " ( أيا كانت التسمية )
ظاهرة متواجدة بالفعل ومطمح لكثير من الكاتبين ومثار تأييدهم ، أوانتقادهم
علي سواء ، وحيث أن المجال الأدبي يسمح بوجود أنواعا كثيرة من القوالب
الأدبية ، وأن ابتكار أشكالا أدبية جديدة لا يعني أن يكون ذلك قائما علي
أنقاض أخرى.
لذلك فان النثرأحيانا في شكله الأدبي الوجداني يحمل طاقة شعرية ولقصيدة
النثر إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية، والتي تعتمد على الألفاظ
وتتابعها، والصور وتكاملها، والحالة العامة للقصيدة.
كيف ترى القصيدة العربية الجديدة بالمقارنة مع شقيقتها العتيقة؟
- ان حياتنا المعاصرة حياة تغيرت فيها المفاهيم وتبدلت فيها الأنماط و لا
يمثل الشعر الحديث فيها كنزعة مجردة من أجل كسر الأشكال القديمة للشعر،
إنما هو نتاج الروح الحديثة وتجربة الشعر العربي الحديث، تجربة تمثل نزعة
الشاعر إلى الجديد، تجربة تمثل روح الشعراء التوّاقة لآفاق أكثر انفتاحاً،
أن القصيدة العربية القديمة لم تعد قادرة بما هي عليه بمزيد من الكشف
الإبداعي للشعرية، ما لم تتواصل مع الواقع المعاصر، أو يعاد تعريف
مسلماتها وبث الروح فيها.
هل ثمة بالفعل أساس أدبي جلي لما يسمى بالنثر المشعور أو النثر الشعري من جهة، والشعر المنثور أو الشعر النثري من جهة ثانية؟
- سيطر مصطلح (الشعرالمنثور) ومصطلح (النثرالشعري) على النصف الأول من
القرن العشرين للدلالة على قصيدة النثر في مرحلتها الاولى ، دون أن
يتطابقا تماما.
مصطلح (قصيدةالنثر)، اصبح اكثر شيوعا ووضوحا واستعمال في النصف الثاني من القرن العشرين.
قصيدة النثر العربية اليوم ،وبعد تجربة دامت أكثر من أربعين سنة ، تبدو
أكثر نضجا ً و التصاقا ً بالحياة ، تبدو أكثر شفافية ً و هدوءاً . تغلب
عليها المعاناة الغنائية من دون أن تتخلى عن نبرتها الثورية المبطنة
بالألم ، حيث تتداخل فيها التأثيرات الحضارية و الثقافية .
************
واخيرا اقول :
انا مع الشعر المليئ بالمشاعر
سواء اكان ذلك مترافقاً بالقوافي
أو الشعر الحر او المنثور
و لكنني اعشق الكلمة المعبرة بكافة صورها والتي تدل على
الأحساس والتذوق والذوبان في المعنى.